حوش العطعوط (الفاخورة) في البلدة القديمة في نابلس

16-07-2012

حوش العطعوط (الفاخورة) في البلدة القديمة في نابلس

 في قلب "حي الياسمينة" في البلدة القديمة في نابلس، ثمة زقاق ضيق ومعتم بعض الشيء يفضي إلى حارة صغيرة تعرف باسم "حوش العطعوط" أو كما كان يعرف سابقاً "حوش الفاخورة" نسبة إلى عمل الناس الذين أقاموا فيه في الفترة التي تلت عهد بناءه.

حوش العطعوط  يضم أكثر من 25 منزل ويسكن كل منزل أربعة او خمسة أفراد. هذه المنازل المتراصة في البلدة القديمة ظلت شامخة وصامدة إلى وقتنا هذا (بعضها منذ مائتي سنة وأكثر)، حالها لم يعد كما كان فعوامل الزمن وما مرت به من قصف وتفجير من قبل قوات الاحتلال جعلها تفتقر إلى الظروف المعيشية والصحية المناسبة وأصبحت غير صالحة للسكن، والهجرة تهددها باستمرار.

كنا قد التقينا بالسيدة أم علاء الرطروط التي قالت بلغتها البسيطة "في فصل الشتاء، ماحدا بعلم بحالنا غير الله  بس كل مره ما نرضى نطلع كنا نصلح بإيدينا ونضل ونسكن فوق الطمم والتراب والحمدلله مستورين ولا نطلع ونتركها، مره سمعنا انو عم يعملوا احصاء للبيوت المتضرره وسجلنا ووعدونا انهم يساعدونا ويساعدو هالجيران."

توجهنا في مؤسسة التعاون لترميم الحوش في محاولة للحفاظ على رمزية المكان وانعكاس مدينة نابلس القديمة وفي نفس الوقت لتحسين الظروف المعيشية للسكان من أهالي الحوش حتى لا يهجروا منازلهم ولإبقاء البلدة منتعشة بسكانها، خاصة وأن سكان البلدة القديمة من محدودي الدخل ولا يستطيعون تحمل تكاليف الترميم بأنفسهم.

  

ليكون تحرك المشروع سريعاً، بدأنا بعمل الدراسات والمسوحات الهندسية من مخططات الرفع المعماري وتقييم الأضرار ومن ثم وضع المقترحات والتوصيات تزامناً مع عمل الزيارات الميدانية والالتقاء بالسكان الذين كانوا يلتفون حولنا في كل مرة نزور فيها الحوش بدافع الفضول أحيانا أو لمحاولة معرفة ماذا سنفعل وكيف سنقوم بتحديد احتياجاتهم عند ترميم بيوتهم أو لمحاولة التأثير علينا لإضافة أعمال جديدة. ولتسهيل تنفيذ المشروع فقد تم تقسيم الحوش إلى ثمانية أقسام أو مراحل بحيث ركزت كل مرحلة على ترميم ثلاثة الى خمسة منازل متجاورة بالاضافة لمرحلة أخيرة شملت تأهيل الساحات والممرات وقناطر الحوش وهدفت لإبراز الطابع الجمالي للعناصر والفراغات المعمارية. وتم استقطاب التمويل من الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي بقيمة اجمالية تزيد عن مليون ومائة الف دولار، منها حوالي 735 ألف دولار من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي  بإدارة البنك الإسلامي للتنمية.

باشرنا أعمال الترميم بشباط من العام 2012 ولمدة عامين كاملين. قام خلالها المكتب الفني بالإشراف على جميع أعمال الترميم من تدعيم واجهات حجرية خطرة وفك وإعادة بناء الأجزاء المدمرة من الحوش بالإضافة إلى أعمال داخلية شملت إعادة تبليط الأرضيات وأعمال القصارة الجيرية واعادة تكحيل الواجهات الحجرية وتحسين الخدمات كالمطابخ والحمامات فضلاً عن إعادة تأسيس شبكات البنى التحتية تحت مستوى سطح الأرض من كهرباء ومياه وصرف صحي بالتنسيق مع دوائر بلدية نابلس. وهدفت أعمال الترميم الأخرى لصيانة الممرات والساحات وإعادة تبليطها بالبلاط السلطاني القديم من الموقع ذاته الأمر الذي أضفى جمالاً طبيعياً وأبرز أصالة المكان وتاريخه. أما المقاولين الذين نفذوا المشروع فبذلوا جهودا كبيرة في أعمال الترميم وفي التعامل مع طلبات السكان اليومية وعملوا بشكل متزامن في معظم مراحل المشروع، فأحياناً كان يتواجد ثلاثة أو أربعة مقاولين في نفس الوقت يعملون في عدة مواقع بجميع عمالهم وعدتهم  يتنافسون لانهاءها على أكمل وجه.

 

وحرصاً منا على متابعة أعمال الترميم والنتائج التي حققها المشروع كان لقاؤنا بعد انتهاء عملية الترميم بأبو وديع الحوح وأخوه تامر الحوح اللذان يسكنان في الحوش نفسه وهما معلمي بناء عملا في المشروع من أول يوم ترميم فقالا لنا " أن وضع الحوش كان دمار من قبل وبدون مبالغة، اللي اشتغلناه ماحدا بقدر يعملو. وأغلب العمال كانو من أهل الحي وشكرا كتير للتعاون."وكان الاشراف والمتابعة اليومية من قبل مهندسي مؤسسة التعاون الذين استطاعوا دمج شباب الحي ليتطوعوا ويدخلوا كأيدي عاملة مساعدة في أعمال الترميم الأثر الكبير في انجاح المشروع.

وتكمل السيده أم علاء الرطروط حديثها معنا  "بشكر مؤسسة التعاون كتير اللي بعجز اللسان عن وصف اللي عملوه وبشكر كل واحد فات على الحوش عن طريقكم ريحتو نفسياتنا وثبتونا بأرضنا احنا مارضينا نطلع من البلد وهي مش مرممه كيف هلئ مارح نطلع غير عجثتنا."  

وتضيف السيده ام ناصر زبلح لتقول لنا  "ماتوقعنا انكم رح ترمموا الدار بهاد الشكل كنا متأملين انو رح تصلحولنا بس ماتوقعنا انو النتيجه تكون هيك الحوش كلو ترمم، بشكركم كلهم مهندسين ومهندسات والبلديه والله انهم ماقصرو وكانو جاهزين لخدمتنا ومتعاونين كتير وصار حوش العطعوط واللي عملتو التعاون هو حديث الناس."  

أما المهندس سامح عبده من بلدية نابلس حيث يعمل مع سكان البلدة القديمة ومع الطلبات والشكاوى وكثيراً ما يأتوه الناس آملين أن يتم ادراج بيوتهم بقوائم الترميم لينالهم نفس الحظ الذي ناله سكان الاحواش المرممة. قال لنا أنه يتمنى أن يرى جميع البلدة القديمة مرممة فهو يرى ـن المؤسسات العاملة في مجال الترميم تعمل على الحفاظ على التراث المعماري وتساهم برفع مستوى المعيشة بالبلدة القديمة من خلال أعمال الترميم وخصوصاً بالاحواش السكنية ذات الكثافة العالية. فبالرغم من تكلفتها المرتفعة إلا أن أعمال الترميم تكون حسب الأصول وبمستوى عالٍ جداً.

وتلخص السيده أم دخيل الداية أعمال الترميم التي جرت في  الحوش بقولها لنا  ″أن الحوش كان خرابه ووين كنا ووين صرنا كل اشي صار للأحسن حتى جيرانا الحمدلله مبسوطين كتير وماكنا متوقعين انو هيك يصير لأنو لما صار تصليح للبيت اول مره كان عشان نستر حالنا ونعيش، بس حاليا كل اشي تمام حتى معالم البيت تغيرت للأفضل والحوش من يوم ترميمه صار عنا دافع ذاتي نحافظ عليه وعلى نظافته ونشكر كل من ساهم بالترميم."

فما أروعها من كلمات جمعت ولخصت بها حبهم لبلدتهم وحارتهم.
لتكن مساهمتنا مثل هذا المشروع ذات أهميه وتخدم عائلات محتاجه غطتها الكرامه وعزة النفس فحفظناها بالمساعده والدعم ففرح وجهها وابتسم.

 

 


ملخص مراحل ترميم وتأهيل الوحدات السكنية في حوش العطعوط

  1. المرحلة الأولى: خمسة وحدات سكنية  هي منزل ام السعيد الأسود ،منزلي ام محمد الدعدوش وابنها، منزل الحج أبو محمد الدعدوش ومنزل قمحية.
  2. المرحلة الثانيـة: ثلاث وحدات سكنية هي منزلي ام علاء الرطروط، وابنها ومنزل  أبو دخيل الدايه.
  3. المرحلة الثالثة: ثلاث وحدات سكنية منزلي صباح والدها، ومنزل ام محمد خرمه.
  4. المرحلة الرابعة: اربع وحدات سكنية هي منزل قرنفله،منزل سائد حنون،منزل ام خالد مشعل،منزل الظاهر.
  5. المرحلة الخامسة: خمسة وحدات سكنية هي منزلي الكوسا الاب والابن رايق الكوسا، منزل حسنين، ومنزل الحوح، وترميم وقائي لمنزل عاشور المهدم.
  6. المرحلة السادسة: ثلاث وحدات سكنية هي منزل مهدي عكوبه،منزل مهدي أبو غزاله، منزل ناجح جودالله.
  7. المرحلة السابعه (أ): وحدتين لمنزل ام ناصر زبلح ومنزل ابنها. والمرحله السابعه ب: وحدتين لمنزل طلال الحامد،ومنزل علاء الرطروط.
  8. المرحلة الثامنة: ترميم المدخل الرئيسي والممرات والساحات الرئيسة للحوش.